وهنا آثار مستوطنة قديمة في وسط
حوض تثليث قرب منهل برودان ( البردان سابقا
) لم يبقى منها إلا أطلالها ورسومها
ومساحتها في حدود كيلومتر طولا وحوالي 800
متر عرضا وكل جدرانها مدورة على شكل
أسطواني وهذا النمط كان سائدا قديما إذ
كانوا يحرمون المباني المربعة التي تضاهي
شكل البيت الحرام في مكة المكرمة وظل ذلك
التحريم حتى بناء عبد المطلب بن هاشم
منزلا مربعا.
اما تلك المستوطنة الأثرية التي
تبعد عن مدينة تثليث حاليا حوالي 25 كم
جنوبا فيرجح أنها كانت المركز الحضاري
الأول لوادي تثليث.
ومعروف أن تثليث كانت من أهم
محطات القوافل المتجهة من شمال وشرق اليمن
ومن حضرموت ونجران إلى الحجاز والشام وذلك
في الجاهلية والإسلام وقد ذكر الهمداني في
صفة جزيره العرب وصف لمحجه حضرموت حيث
أشار إلى ثلاث محطات رئيسية هي الهجيرة
التي تعرف الان باسم الجعيفرة وتثليث التي
أخالها تقع آنذاك قرب منهل برودان وجاش
القديمة وهي مليئة بالآثار منذ زمن سحيق
وذات حضارة مستمرة حتى الآن .
وكل هذه المحطات الثلاث تقع على
نسق واحد من الجنوب الشرقي إلى الشمال
الغربي وينقل الناس هنا في أقوالهم التي
يتناقلونها عن قدمائهم كابر عن كابر فيما
يشبه الأساطير إن وادي تثليث قديما كان
مليئا بالمياه والزروع والسكان وانهم
يتناقلون خبر المواليد والأخبار الأخرى
في أوقات وجيزة جدا من الجزء النجدي في
الشمال إلى الجزء الحجازي في قمم الجبال
وان ذلك بسبب كثرة السكان وازدحامهم ، الى
ان أتاهم سيول مدمرة قضت على كل شئ .
ووادي تثليث كما هو معروف من
اكبر . أطول الأودية الشرقية لسلسلة جبال
السروات إذ يمتد من غرب ظهران الجنوب حتى
وادي الدواسر شرقا بطول يتجاوز
الأربعمائة كيلومتر ويرفده اكثر من ستين
واديا من أهمها الأودية الثلاثة وهي وادي
الثفن –وادي جاش – وادي الرسين وهذه
الأودية الثلاثة التي ترفد تثليث على
مسافات شبه متساوية من ناحية الغرب ربما
تكون سبب في التسمية ( تثليث).
ووادي هذا شأنه من حيث الحجم
والموقع والامتداد لا بد أن يكون مهدا
لحضارات قديمة سادت في عصور غابرة ثم بادت
في عصور أخرى ثم عادت للظهور مرة أخرى في
عهدنا السعودي الزاهر خصوصا وان هذا
الوادي العظيم من اكبر الأماكن ملائمة
للتحضر والاستقرار لعدة أسباب أهمها وفرة
المياه وخصوبة التربة واتساعها واعتدال
المناخ . |